Abstract:
(تعرّض الکاتب إلی مفهوم الرضا الحسینی، وما یرتبط بحدیث (رضا الله رضانا)، وبین المراد منه، وذکر تجلیات هذا المقام فی النهضة الحسینیّة من خلال کلمات العلماء، وبیّن الاتّجاهات فی المراد من هذا المقام وهل هو العصمة أم المرآتیّة).
مقدمة
جاء فی خطبة الإمام الحسین (ع) حینما أراد الخروج من أرض مکّة: «کأنّی بأوصالی تقطّعها عسلان الفلوات بین النّواویس وکربلاء، فیملأنّ منّی أکراشاً جوفاً وأجربةً سغباً، لا محیص عن یوم خُطّ بالقلم، رضا الله رضانا أهل البیت، نصبر علی بلائه، ویوفینا أجور الصّابرین...»
Machine summary:
مقدمة جاء في خطبة الإمام الحسين(ع) حينما أراد الخروج من أرض مكّة: «كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النّواويس وكربلاء، فيملأنّ منّي أكراشاً جوفاً وأجربةً سغباً، لا محيص عن يوم خُطّ بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصّابرين...
فما هو المراد بهذا المقام؟ وما هي تجليّاته في النّهضة الحسينيّة؟ هل يُراد به مقام العصمة، أو أنّ هناك معنىً أوسع، ومقاماً أرقى؟ في بحثنا هذا نحاول الوقوف على بعض آراء علمائنا الأبرار في توضيح هذا المقام، ثمّ نعطف الكلام على تجليّاته في النّهضة الحسينيّة، وذلك مِن خلال الحديث حول محورين: المحور الأول: المراد بـ(رضا الله رضا أهل البيت(ع)) لتوضيح المقصود من هذا المقام نقف عند نقطتين: النقطة الأولى: وقفة عند صفة الرّضا.
فالعبد الرّاضي هو الذي يجعل إرادته في طول إرادة الله (عز وجل) في كلّ شؤونه وأحواله، فكلّ حركة له في هذه الحياة -دنيويّة كانت أو دينيّة- خاضعة لما يريده الله؛ فالله -تعالى- هو العالم بكلّ شيء، ومدبّر كلّ شيء، والمحيط بكلّ شيء، ورد عن إمامنا الحسن(ع): «مَن اتّكل على حُسن الاختيار مِن الله، لم يتمنَّ أنّه في غير الحال التي اختارها الله له»( 2 ).
وحينما يقول إمامنا الحسين(ع): «رضا الله رضانا أهل البيت(ع)»، فهذا يعني أنّ رضاهم مشتمل على العناصر الإلهيّة الثلاثة (إرادة الله، وأمره، ورضاه)، فهم مظهرٌ لإرادة الله، وتجلّ لأمره، وانعكاس لرضاه، فكلّ حركة أو سكون لا يصدر منهم إلّا عن إرادة، وأمر، ورضا من الله -تعالى-.