Abstract:
کنت قد کتبت بحثاً فی سالف الزمان حول الغیبة، وقد عرضته علی علمین بارزین من علماء البحرین فی ذلک الزمان، فأفادانی مشکورین ببعض ملاحظاتهما، بعد أن استحسنا فکرة طباعته، إلا أننی لم أکن راغباً فی طباعته آنذاک، فبقی البحث محفوظاً من دون طباعة، وجاءت انطلاقة مجلة رسالة القلم، التی تهدف إلی تنمیة الأقلام، فرأیت من المناسب أن أطرح ذلک البحث المکتوب فیها من دون أی تغییر، لأنه یعکس الجهد العلمی لتلک الحقبة الزمنیة، ولذلک لم أدرج فیه حتی تلک التعلیقات التی استفدتها من العلمین، من باب الأمانة العلمیة.
Machine summary:
ثانياً: تعريف الغيبة اصطلاحاً: 1- الأقوال في تعريفها اصطلاحاً: اتضح بعد ملاحظة ومراجعة أغلب مؤلفات فقهائنا الأعلام وعلمائنا الكرام أنّ هناك تقريباً ثلاثة تعاريف للغيبة سنذكرها إن شاء الله تعالى، كما اتضح أنّ عمدة ما يذكرونه من تعريفات للغيبة وما يتفرع عليها مستقى من كتاب ((كشف الريبة عند أحكام الغيبة)) للشهيد الثاني (قده)(12)، حيث قال في مقام بيان تعريفها ما يلي : ((وأما بحسب الاصطلاح فلها تعريفان: أحدهما: المشهور وهو ذكر الإنسان حال غيبته بما يكره نسبته إليه مما يعدُّ نقصاناً في العرف بقصد الانتقاص والذم، فاحترز بالقيد الأخير وهو قصد الانتقاص والذم عن ذكر العيب للطبيب مثلاً أو لاستدعاء الرحمة من السلطان في حق الزّمِن والأعمى بذكر نقصانهما، ويمكن الاستغناء عنه بقيد كراهته نسبته إليه.
القول الثالث: إن الغيبة هي ذكر المؤمن بعيب في غيبته على أن يكون العيب مستوراً عن الناس سواء كان بقصد الإنتقاص أم لا، وسواء كان بالقول أم بالفعل، وقد يستفاد هذا الرأي من كلام الإمام الخميني (قده) حيث قال: ((ولا يبعد أن يكون إظهار المستور من عيوب المؤمنين عند عدم رضاهم بذلك محرماً، حتى وإن لم يكن هناك قصد للانتقاص منهم))(16).
فنلاحظ أن السيد الخوئي (قده) قد خالف التعريف المشهور للغيبة في أغلب الكتب الفقهية والأخلاقية، والوجه في ذلك ما ورد في تقريراته حيث قال: ((والتحقيق أن يقال: إنه لم يرد نص صحيح في تحديد مفهوم الغيبة، ولا تعريف من أهل اللغة كي يكون جامعاً للأفراد ومانعاً للأغيار، وعلى هذا فلابد عن أخذ المتيقن من مفهوم الغيبة وترتيب الحكم عليه: وهو أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، وأما في المقدار الزائد فيرجع إلى الأصول العملية(21)، وقد ذكر هذا في جملة من الروايات وهي وإن كانت ضعيفة السند، ولكن مفهومها موافق للذوق السليم والفهم العرفي))(22).