Abstract:
شكّلت مسألة النبوة قضيةً محوريةً في دراسات المتصوفين وأهل العرفان، وقد أثارت هذه المسألة إلى جانب مواضيع أخرى من قبيل الشيخ والمريد، الحلولية، الوحي، الولاية وغيرها، جدالًا واسعًا ما بين المتكلمين والفلاسفة وعامة الناس في حقباتٍ زمنيةٍ متعاقبة، حيث وقع بعض رموز التصوف والعرفان ضحايا سوء الفهم للغة التي عبّروا بها عن معرفتهم المفارقة. ندرس هنا تجربة شهداء التصوف في مقاربة موضوع النور المحمدي أو الحقيقة المحمدية، تحديدًا عند الحسين بن منصور الحلاج وعين القضاة الهمداني، لتقديم صورة أولية لما قدمته اللغة العرفانية في هذا النوع من المعرفة؛ المعرفة الإلهية بالقلب والشهود.
Machine summary:
النور المحمّدي، قراءة في إشارات اللغة العرفانية بين الحلاج وعين القضاة الهمداني مريم ميرزاده 1 "إنّ الصوفي يطمحُ إلى تجاوزِ حدودِ "الإيمان" للدخول في تخوم "الإحسان" (أبو زيد، 2002، صفحة 128).
ملخص شكّلت مسألة النبوة قضيةً محوريةً في دراسات المتصوفين وأهل العرفان، وقد أثارت هذه المسألة إلى جانب مواضيع أخرى من قبيل الشيخ والمريد، الحلولية، الوحي، الولاية وغيرها، جدالًا واسعًا ما بين المتكلمين والفلاسفة وعامة الناس في حقباتٍ زمنيةٍ متعاقبة، حيث وقع بعض رموز التصوف والعرفان ضحايا سوء الفهم للغة التي عبّروا بها عن معرفتهم المفارقة.
ندرس هنا تجربة شهداء التصوف في مقاربة موضوع النور المحمدي أو الحقيقة المحمدية، تحديدًا عند الحسين بن منصور الحلاج وعين القضاة الهمداني، لتقديم صورة أولية لما قدمته اللغة العرفانية في هذا النوع من المعرفة؛ المعرفة الإلهية بالقلب والشهود.
فما المأزق الذي وقعت فيه اللغة العرفانية، في تناولها مسألة النبوّة على وجه التحديد؟ كيف دخلت النبوة (وختمُها مع محمّد) نسقَ الفكر الصوفي أو العرفاني وكيف تطوّرت مقارباتُها بين الحلاج والهمداني؟ وما الذي جعلَ محمولاتِها ومدلولاتِها تؤّوَّل بما يثيرُ حفيظةَ العوام أو أهل التعقّل والبرهان؟ لـِمَ انتهى عددٌ مهم من أهل العرفان إلى الصلب والنبذ والتعذيب إثرَ قضايا من قبيل النبوة والحلولية والشيخ والمريد وسواها؟ هذه الورقة البحثية تتضمّنُ دراسةً مقارِنةً موجزة عن مسألة النبوّة في آفاق النسق الصوفي بين الحلاج والهمداني ومأزق اللغة العرفانية الذي بلغ بهما مبلغ الاضطهاد والشهادة.
وقد اهتمّ أبو حامد الغزالي بمسألة النبوة وسمّى النبيّ سراجًا نورانيًا بفعلِ فيوضاته التي تنيرُ الموجودات كلّها، ويطلق تسمية "نور الأنوار" على الله وعلى النبيّ، وهو ما يشبه تشبيه الحلاج للنبيّ بسراج نور الغيب في الطواسين (خیاطیان، 2019، ص 16، 17).
ويشرحُ الهمداني كيف أنّ محمدًا هو "العرَض" بالنسبة إلى "جوهر"، حيث انبثق بخلقِه وانبعاثه النور فهو نور الأنوار، الذي بفنائه في الذات الإلهية يمسي نورًا على نور (مثل احتراق الفراشة).