Abstract:
نعلم أنّ التاريخ البشري كُتب وما زال يكتب، من وجهة نظر المنتصر ومن وجهة نظر السلطة الحاكمة، وهذا على المستوى العالمي، طالما خلا الإيمان والأريحية من قلوب قادة الشعوب، وفي تاريخنا الإسلامي نجد نفس الآفة، ولذلك دائماً ما يجتهد المؤرّخون المنصفون ليعدلوا ميزان الرّوايات التاريخية، وإظهار الحقيقة. هذا حدث بخطايا كبرى التاريخ الإسلامي؛ لأنّ المسلمين منذ البداية ربطوا بين روايات التاريخ والدين، ربطوا بين الزّيف المُدوّن والتقوى، بحيث يتهم من يقرأ التاريخ قراءة منصفة في دينه وإيمانه وإنسانيته.
كُتب التاريخ بصورة طبقية حادّة ومزيفة، فالإسلام جاء بالعدل والإخاء والأريحية، ثم المساواة بين البشر دون تمييز عرقي. وقال الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله في حديث مشهور:
ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتّقوى.
والقرآن الكريم نصّ على تلك المساواة في آيات كثيرة متعدّدة، منها:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ.
Machine summary:
ثم إنه بعد انتصار أهل مكة على المسلمين في نهايات غزوة أحد قامت بالتمثيل بالجثث المسلمة الواحدة تلو الأخرى، فكانت تُقَطِّع الآذانَ والأنوفَ، حتى وصلت إلى حمزة عمّ الرسول فبقرت بطنه، وأخرجت كبده، وفي حقدٍ شديد لاكت منه قطعة، فما استساغتها فلفظتها، وقد أثَّر هذا الموقف بشدة في النبي (صلی الله علیه وآله).
(وقد ورد في كتب أخرى مثل: البداية والنهاية والكامل في التاريخ) كما خرجت هند مع المشركين في غزوة الأحزاب واستمرَّت في حربها ضدّ الإسلام حتى اللحظات الأخيرة قُبَيلَ فتح مكة، حتى إنها رفضت ما طلب زوجها أبي سفيان من أهل مكة أن يدخلوا إلى بُيوتهم؛ طلباً لأمان النبي (صلی الله علیه وآله)، ودَعَت أهل مكة لقتل زوجها أبي سفيان عندما أَصَرَّ على الخضوع ودفعتهم إلى القتال.
وبعد هذه الرحلة الطويلة من العداء الشديد، فتح رسول الله مكَّة، وأقبل أهلُها من كلِّ مكان يبايعون على الإسلام ومن بعيد جاءت هند بنت عتبة وهي منتقبة متنكِّرة كي لا يعرفها أحد، تريد أن تبايع كما يبايع الناس، ولما بدأت النساء تبايع، قال النبي (صلی الله علیه وآله) لهنّ: بَايعْنَنِي عَلَى أَلاَّ تُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيئاً.
والنبي (صلی الله علیه وآله) لم يأمر زوج عمه فاطمة بنت أسد أن تُطلق من عصمة زوجها بحجة كفره، وفاطمة بنت أسد أسلمت مبكراً، قيل أسلمت بعد عشرة أشخاص، أي كانت المؤمنة الحادية عشرة، طبعاً لم ينس المدافعون عن كفر أبيطالب أن قالوا لم يكن تحريم المؤمنة على زوجها الكافر قد نزل، وهو تهافت نراه ركيكاً، ومما روي في تاريخ دمشق لابن عساكر أنّ أبا طالب رأى النبي وعلياً يصلّيان، وعلي عن يمينه، فقال لابنه جعفر: صل جناح ابنعمك، وصل عن يساره.