Machine summary:
والجواب عن هذا السؤال بوجهين: الوجه الأوّل: الإمام عليه السلام شاهد على أعمال الخلائق: أن الغرض من نصب الإمام _ أيّ إمام كان _ ليس هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجب على كل الناس وجوباً كفائياً: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(٢), والغرض من نصب الإمام ليس هو تبليغ الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس وإقامة الحدود والتعزيرات, فهذه وظيفة الفقهاء في عصر الغيبة, كما ورد عن الإمام المنتظر عليه السلام: (فأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا, فإنهم حجّتي عليكم, وأنا حجّة الله عليهم).
(٣) إذن, الغرض من نصب الإمام ليس هذا ولا ذاك, حتّى يقال: إن هذا الغرض لا يتحقق مع غيبة الإمام, الغرض من نصب الإمام أمران: الأمر الأوّل: مسألة الشهادة على أعمال الخلائق, أي أن يكون شهيداً على أعمال الخلائق, فالآية التي وردت في عيسى بن مريم عليه السلام الذي كان إماماً؛ لأن الرسل أولي العزم كانوا أئمّة, (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهيداً ما دُمْتُ فيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَني كُنْتَ أَنْتَ الرَّقيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهيدٌ)(٤), مفادها أن الهدف من وجوده بينهم هو الشهادة على أعمالهم, والشهادة على أفعالهم, والغرض من نصب الإمام هو أن يقوم بالشهادة, والآية المباركة التي تخاطب النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيدا)(٥) تؤكّد الغرض من وجود النبي والإمام, وهو الشهادة على أعمال الخلائق شهادةً حضورية, هذا هو الغرض, وليس الأمر بالمعروف وتبليغ الناس الأحكام الشرعية.
إذن, بالنتيجة يكون الغرض من نصب الإمام هو حفظ الدين الواقعي, والدين الواقعي لا يمكن حفظه إلاّ لمن كان عارفاً به, والعارف بالدين الواقعي هو الإمام عليه السلام الذي تلقّى مواريث النبوة وكتب الأنبياء وكتب الأئمّة عليهم السلام, ووصلت إليه العلوم الواقعية يداًَ بيد, فهو الوحيد القادر على حفظ الدين, وحفظ الدين يتوقّف على المعرفة, والمعرفة غير موجودة إلاّ عند إمام الزمان.