حسن البنا (بمناسبة ذکراه) Editorial

"فقلت فی نفسی بعد أن ودعنی و شیعته: عجیب!هذا الشاب نشأ کما ینشأ کل طفل فی ریف‌ مصر،و تعلم کما یتعلم کل طالب فی دار العلوم،و عمل کما یعمل کل مدرس فی وزارة المعارف؛فممن ورث هذا الإیمان،و ممن اقتبس هذا البیان،و من أین اکتسب- هذا الخلق؟ إن الشذوذ عن قواعد البیئة الجاهلة،و النشوز علی‌ أنظمة المجتمع الفاسد،و السمو علی أخلاق العصر الوضیع، لمن خصائص الرسول أو المصلح؛فإن الله الذی یعلم حیث‌ یجعل رسالته یرید أن یصنع النبی أو المصلح علی عینه، لیظهره فی وقته المعلوم فیجدد مارث من حبله،و یوضح‌ ما اشتبه من سبیله و الفطرة التی فطر علیها حسن البنا،و الحقبة التی‌ ظهر فیها حسن البنا،تشهدان بأنه المصلح الذی اصطنعه‌ الله،لهذا الفساد الذی صنعه الناس ولم یکن إصلاحه رضوان الله علیه من نوع ما جاء به‌ ابن تیمیة و ابن عبد الوهاب و محمد عبده؛فإن هؤلاء قصروا إصلاحهم علی ما أفسدته البدع و الأباطیل من‌ جوهر العقیدة؛أما هو فقد نهج فی إصلاحه منهج الرسول‌ نفسه:دعا إلی إصلاح الدین و الدنیا،و تهذیب الفرد و المجتمع،و تنظیم السیاسه و الحکم؛فکان أول مصلح‌ دینی فهم الإسلام علی حقیقته،و أمضی لإصلاح علی وجهه‌ لم یفهم الإسلام الذی طهر الأرض و حرر الحلق و قرر الحق علی أنه عبادات تؤدی،و أذکار تقام،و أوراد تتلی؛ و إنما فهمه کما فهمه محمد و عمر و خالد:نورا للبصر و البصیرة، و دستورا للقضاء و الإدارة،و جهادا للنفس و العدو و إذا کانت سنة الله أن یبعث الرسول أو یظهر المصلح‌ مزودا بالطب الناجع لوباء معین فشا،و فساد مبین عم، فإن الحال الألیمة التی تکا؟دها الأمة الإسلامیة الیوم من‌ ضعف أطمع فی وطنها الاستعمار،و جهل أطفاء فی قلبها المقیدة،وزیغ مال یوجهها عن السبیل،تقتضی أن‌ تکون رسالة المصلح فی هذا الزمن جاریة علی النهج الذی‌ نهجه المرشد الأول للاخوان المسلمین!"