غرفة من کوثر الروح Journal Article

غرفة من کوثر الروح إن أحداً لم یکن یعلم أن الإمام الخمینی «قده» هذا الفقیه المجتهد والمناضل ورجل السیاسة العنید فی الحق، هو أیضاً أدیب وجد، وشاعر حب، وبعد وفاته کشف الستار لأول مرة عن أشعار فی العشق والعرفان، کان قد نظمها فی أواخر حیاته. *المراد فی المقطع الأول یصف الإمام الحب الخالص من أولیائه بالخمر المعتق، فالحب لله بنظر أهل المعرفة خمرة قاتلة، مذهلة، قاتلة فی الله ومذهلة عما سواه. إنها لذائذ مشاهدات الحبیب للحبیب المسکره، ونشوة أشواق المحب الهائم حتی الفناء، أی الفناء عن الدنیا، والنفس وحبهما، والفناء بالحب هو البقاء الدائم مع الحبیب المعبود، ففی الحدیث القدسی: «من طلبنی وجدنی ومن وجدنی عرفنی ومن عرفنی أحبنی ومن أحبنی أحببته ومن أحببته عشقته ومن عشقته قتلته ومن قتلته کان علی دیته وأنا دیته». یقول الإمام العاشق: أن لدینا أسراراً عن عشقنا وحبنا القدیم نود أن نکشف عنها، فقد آن الأوان، وأنها خمرة مسکرة، لا نقدمها للعابرین، وإنما فقط وفقط للسکاری، المولعین بهذا اللون من الخمر والعارفین لقیمته. لذلک یطلب من الساقی «قلمه السیال» أن یفتح فی حانة ذکر الحبیب کتاب العشق وأسراره، ولکن علی أن یمنعها عن غیر أهلها ممن لا یعرفون مذاقها. وعشاق الأهواء هم الذین عرفوا عن طریق السیر والسلوک وارتضوا لأنفسهم الاشتغال بغیر ذلک، وهؤلاء یقول الإمام لیسوا من الندماء فأعرض عنهم. *المراد فی المقطع الثانی یصف الإمام، المتذوق لشعره بالطالب النفور المتمنع، لأنه یجهل المقصود. یقول له: فی محفل أهل الوجد «فی حالة الندماء» علیک أن تکون طیعاً صبوراً، کما الأطفال فی المدرسة فلا، تسل سیف الإنکار، والامتعاض. وتقبّل منی استعمال کلمة «السکر» کرمز للحب الإلهی «الخمر الطهور» واصبر، ففیما بعد ستدرک أصالة وحلاوة هذا الرمز.