عودة الأبطال - Journal بقیةالله Literature and art

عودة الأبطال محمد حسین راتب الخلیل بعد انقشاع غبار الحرب وذهاب صدی قذائفها أدراج الریاح. عاد الأبطال بعدما سجلوا أجمل ملحمة قد یکتبها الزمن فی حرب لم تدم سوی أربعة وثلاثین یوماً لکنها اختزلت التاریخ وخطت للمستقبل خطوطه الحمراء، حرب استجمعت بدراً والأحزاب، حرب کانت قاسیة بقساوة الظلم ولکن نصرها کان کالضیاء. عاد الأبطال، تجمع الأهالی علی طول الطریق یحملون سعف النخیل وباقات الورود والیاسمین، ینثرون الأرز وزغارید تعلو لتطال السماء. وآخر الدرب وقفت سیدة علی عتبة منزلها، تراقب المشهد: الزحام أخذ یخف، فکل قادم ذهب إلی بیته مع عائلته، ثم لاحت رایة، تعرفها بقدر ما تعرف الأزهار شعاع الصباح، قد أعطتها لحبیبها ساعة الوداع ودعت له بالنصر. کان الجواد یحمل هذه الرایة دون فارسه. وصل موکب الشهداء إلی عتبة المنزل، فنزلت ودموعها قد أمست ترسم البریق علی خدیها، أشعلت الشموع والبخور، وأخذت تناجی: «ما أعظم ما کنت تصبو إلیه وقد وصلت. حبیبی، الآن وأنت تجلس مع من آمنت بهم ولم ترهم سعیداً قد نلت رضوان اللَّه تعالی وجلست فی جناته، أطلب منک أن تذکرنی وتدعو لی». طلع الصباح وأشرقت الشمس، جاء المواسون والرفاق، حملوا نعش الفداء، وأمام الموکب مشت أکالیل الورود، والنسوة زغردن أیضاً لمن انتصر فی میدان العزة وزین تاریخ الأمة بلون دمائه. صعد الحشد إلی جبل القربان حیث روضة الشهداء، التی تهیأت لقدوم زائر جدید أبدی. لیت کل سکان المعمورة کانوا ساعة اللقاء، یوم صعد من الحفرة التی أعدت لساکنها ضوء أنار کل زاویة من تلک الناحیة، ویوم سُمِع فی مدی السماء أن هذا وعد اللَّه صدق.