چکیده:
کانت المؤلفات إحدى الوسائل التی تسهم فی توکید الصلات الفکریة والثقافیة بین أرجاء العالم الإسلامی, إذ استمرت الرحلات العلمیة للعلماء وطلاب العلم والمعرفة إلى من اشتهر بتألیف کتاب أو روایة کتاب من أحد من العلماء وکانت واسطة قویة لتوثیق تلک الصلات بین المراکز العلمیة من جوامع ومساجد ومدارس وربط ومکتبات فی کل مدینة ینزل بها الراحلون من العلماء وطلبة العلم ومع باقی المراکز العلمیة الدانیة والقاصیة فی عموم العالم الإسلامی.
ویعد کتاب صحیح الإمام البخاری من أکثر الکتب روایةً من قبل العلماء وسماعاً من قبل طلبة العلم خاصة ومن الناس عامة, بل إن الشیخ الذی عنده سند وإجازة فی التحدیث بصحیح البخاری کان مقصد العلماء ووجهة الراحلین من طلاب العلم وممن تُشدّ إلیهم الرحال, بل ویعد من أکثر العلماء روایة وإجازة من خلال کثرة الراحلین وطلبة العلم الذین کانوا یتنافسون فی سماع صحیح البخاری وروایته.
والذی ینظر فی تراجم العلماء وفی الحیاة العلمیة فی القرن الخامس الهجری یقف على جملة من المؤلفات التی وضعت على صحیح الإمام البخاری فی عموم العالم الإسلامی منها شروح وتفسیرات ومستخرجات ومختصرات, ناهیک عن التسابق فی سماعه بسند عالٍ, بل أن الباحث لا یکاد یقرأ فی سیرة عالم فی الحدیث إلا ویجد له سماعاً أو إجازة بصحیح البخاری, حتى قیل إن الذین سمعوا صحیح البخاری من یوسف بن مطر الفربری وحده بلغوا الآلاف, لذا وقع اختیار الباحث على دراسة المؤلفات التی الّفت على صحیح البخاری من قبل علماء المشرق الإسلامی, والباحث یروم من خلال بحثه أن یبرز اهتمام علماء المشرق بصحیح البخاری والتألّیف على صحیحه وبیان أهمیته, ومساهمتهم الفعّالة فی تعزیز وترسیخ مکانة صحیحه فی نفوس الأمة وأنه الکتاب الثانی بعد القران العظیم, والأول بین کتب الحدیث, وذلک من خلال نشاطهم العلمی سواء فی سماع صحیح البخاری أو روایته أو التألّیف علیه وشرحه والمستخرجات علیه وتتبع أحوال رجاله رافق ذلک رحلات علمیة سواء من العلماء أم من طلبة العلم, وقد واجه الباحث بعض الصعوبات منها أن أغلب المؤلفات التی الّفت على صحیح البخاری لم تصل إلینا, وإشارات المؤرخین والعلماء إلیها قلیلة فهم فی الغالب یذکرون أن العالم الفلانی ألّف کتابا بعنوان کذا دون الخوض فی تفاصیل ومضمون ومحتوى الکتاب, لهذا کان على الباحث أن یجمع تلک الإشارات ویضم بعضها إلى بعض ویبحث فی الکتب التی تناولت المؤلفات لیجد ضالته منها, کشف الظنون وهدیة العارفین لتتضح الصورة أکثر, قُسِّم البحث إلى ستة مباحث, الأول بیّن شرّاح صحیح البخاری, وبینما ترکز المبحث الثانی على مؤلفات أطراف الصحیحین, وسلط الضوء فی المبحث الثالث على المؤلفات التی وضّحت أحوال رجال البخاری, بینما تضمن المبحث الرابع المؤلفات التی استدرک أصحابها على صحیح البخاری, وتناول المبحث الخامس المؤلفات التی جمعت بین الصحیحین, والمبحث السادس- والأخیر- تتبع المستخرجات على صحیح البخاری, وقد رعی فی ترتیب العلماء أصحاب المؤلفات الترتیب الزمنی لسنوات وفاتهم.