چکیده:
إنّ الثورة الحسينية: "أسوةٌ وقدوة" للثائرين على مرّ العصور؛ فإنّها المُلهمة بالصبر والثبات مهما كانت العقبات، وإنّها المَعْلَم الشاخص والمعيار الضابط الذي من خلاله يقيّم الإنسان نفسه تجاه مواجهة الظلم والفساد أينما كان ووجد، وأنّها ليست مجرّد حدثٍ عابرٍ يثير الأحزان وينقضي! بل هي الصنّاعةُ للإيمان الراسخ، والوعي الوقّاد، والحيويّة الفاعلة؛ والغاية الكبرى من وراء ذلك كلّه: أن تنتج حضارة قويّة متماسكة الأطراف، متجذّرة الأصول، شامخة الفروع، لتتحقّق عندئذٍ >إنسانية الإنسان< التي خُلِقَ من أجلها. وبهذا تحفظ معالم الدين ورسومه، فما دامت الروح الحسينية هي الحاكم في الضمائر والقلوب، والعقول والأفكار، والمصحّحة والمفعّلة لها، فإنّ الدين باقٍ ما بقي الدهر، إلى أن يرث الله الأرض بمن عليها.
خلاصه ماشینی:
إنّ الروح العاشورائية الممتدّة بشعاعها تنتمي حيثُ الجهاد، فلا سبيل للخلاص من آلامها وأوجاعها التي يصطنعها الأعداء سوى أن تعانق الجهاد الحسيني روحاً، وتموت عليه بإهراق الدماء ونثر الأشلاء، كما حدث لأبي عبد الله الحسين عليه السلام وأصحابه يوم عاشوراء، وقد كانت أرواحهم الطاهرة ملؤها ثبات وإخلاص منقطعي النظير.
فعندما كان صغيراً كان كلّه تفاعل ومشاركة قدر استطاعته في جهاد العدو مع جدّه رسول اللهصلی الله عليه و آله ضد الطغاة، وهكذا استمر مجاهداً حتى آخر سني حياته المباركة، حيث خاض معركة نبيلة كان يدعو الله أن يرزقه الشهادة الحمراء فيها -وهذا ما تحقق- لتكون معلماً بارزاً، وشعاعاً واسعاً لتشمل العالم كلّه زماناً ومكاناً وتكون مورداً للتفاعل مع النفوس، فكانت بحق تعبّر عن الحقيقة التي باتت معروفة (كلّ يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء)، أي: إنّها تعبّر عن دوام واستمرارية الجهاد الحسيني.
7ـ أن يعرف الموالي العاشورائي أنّ ثورة أبي عبد الله الحسين عليه السلام يوم عاشوراء تمثل كأمر مصداقي في كونها دورة تأهيلية وتدريبية كبرى للبشرية المؤمنة، حيث تدربها على التمنهج بمنهاج الثقلين الطاهرين وبدون تحجيم لهذا المنهج الرفيع في جميع مفاصل وأبعاد حياتها، فهي مدرسة تتناول أهم القضايا في حياة الإنسان لتكون في متناوله الإرادي والاختياري لأداء ما يبتغيه منه المنهج الثقلائي أخلاقياً والتصديق بكلمته، والسير على منهجه القويم حتى قيام الساعة.
عاشوراء مصداق الصبر: إنّ الصبر الذي تحمّله قلب أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره يوم عاشوراء لن يضيع على مرّ الدهور والأزمان عند الله الرحيم، فمخزون الصبر العاشورائي لا نفاد له، بل هو سار ومستصحب لدى كل ثائر ومجاهد، زماناً ومكاناً، {وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}( ).