خلاصه ماشینی:
"رابعا:مرحلة تطبیع العلاقات العربیة-العربیة 1967-1978 تتمیز هذه المرحلة بوجود«نظام منتظم» Ordered System ذی قواعد محافظة أو تقلیدیة فی إدارة العلاقات بین أطرافه،و کان للتقهقر الکبیر الذی أصاب الحالة القومیة فی النظام العربی الدور الرئیسی فی هذا التحول،و الذی شهد مرحلة تراجع المد الثوری و انتصار المنطق النفطی أو السیاسة النفطیة،و کذلک بدایة انتشار قیمة رئیسیة فی السیاسیة العربیة،و هی قیمة التجربییة العربیة Arab Pragmatism التی کانت مزیجا من الوطنیة الصاعدة علی انقاض الفشل القومی و المثمنة لسیادة الدولة،و من خطاب اسلامی محافظ یصب فی الاتجاه ذاته،و من أفکار تعاونیة وظیفیة تبناها بالطبع القادرون علی تحقیقها،و هم أهل النفط،و تجارب معها الراغبون فی الاستفادة منها-ولو بدرجات متفاوتة-من أهل الثورة سابقا.
و فی تقدیری،إن عملیة تعدیل المیثاق انطلقت فی ظل مناخ عربی اتسم بالعوامل المتناقضة من حیث تأثیرها فی هذه العلمیة طیلة الثمانینیات،و ذلک علی النحو التالی: 1-إنه مع خروج مصر من النظام العربی المؤسسی،شعر العراق بأن الفرصة صارت مهیاة له لقیادة النظام العربی،و قد اعتمد التوجه سیاسة انفتاح و طمأنة تجاه محیطه العربی،و فی السنوات الثلاث الأولی من هذه المرحلة لعب العراق دورا ریادیا،و کان مرکز استقطاب أساسی فی النظام العربی،و کان مؤیدا بشدة لتفعیل دور الجامعة فی إطار تعدیل میثاقها الذی یأتی منسجما فی ما یحطه من مضامین مع الخطاب القومی للعراق.
و خلال أزمة الخلیج الثانیة،کثرت الدعوات إلی الاسراع فی تعدیل المیثاق بغیة إنشاء محکمة العدل العربیة و قوات حفظ السلام،لکن سرعان ما تراجعت هذه الدعوات غداة حرب الخلیج،و بدا أن موضوع التعدیل-أیا کان المنهج الذی سیتخذه-دخل مرة أخری فی عالم النسیان لسبب أکثر جدیة هذه المرة،و هو أن النظام العربی الذی تأسست علیه الجامعة دخل مفترق طرق قد یخرج منه مهمشا أو ضعیفا أو ربما متغیرا."